كما أكد على أهمية هذا الاجتماع، الذي يسعى الخبراء والشركاء من خلاله تدارس الإمكانيات المادية والفنية لوحدة الدراسات والمسوحات الاجتماعية، والتحديات التي تواجه سير عملها في خضم البحث عن جمع وتوفير البيانات السكانية والصحية المواكبة لخطة التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية.
ومن جهته أشاد السيد كارين دادوريان، نائب المدير الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في كلمته بجهود الوحدة، مشيرا إلى تواجدها الفاعل في 16 دولة عربية منذ أن تأسست تحت إسم المشروع العربي لصحة الأسرة PAPFAM سنة 1999. ووصفها بالعلامة المميزة، كون أن النماذج وأدوات المسح التي تم تطويرها على مدى السنين استطاعت توفير بيانات عن الصحة العامة والصحة الإنجابية على المستوى الوطني لتقديم الدعم لراسمي السياسات وواضعي الخطط والبرامج في مجالات الصحة والسكان والتنمية في الدول الأعضاء.
مشيرا إلى أن الوحدة أثبتت نجاعتها إقليميا ودوليا من خلال المراجعات والتقييم الدولي لها في الأعوام الماضية، حيث أصبحت مرجعا مهما ومصدرا موثوقا به للبيانات الصحية.
مؤكدا على ضرورة حشد الدعم لها من الممولين من أجل ضمان استمراريتها وجعلها قادرة على متابعة رصد مؤشرات أجندة مؤتمر التنمية والسكان ومؤشرات خطة التنمية المستدامة 2030 على حد سواء.
- جلسة العمل الأولى:
تم تقديم ثلاثة عروض مختلفة، أولها كان حول انجازات وحدة الدراسات والمسوحات الاجتماعية الميدانية بوصفها محورا إقليميا خاصا بجمع وتحليل ونشر البيانات الديموغرافية والصحية والتنموية.
وقام د. أحمد عبد المنعم، المدير السابق للوحدة بتقديم عرض حول الإطار العام للوحدة واختصاصاتها ومراحل تطور أدوات العمل بها خلال السنوات السابقة، مشيرا إلى إنشاء قاعدة بيانات حول صحة الأسرة العربية بكامل أفرادها، وتمكنت من تدريب وتعزيز مهارات العديد من أجهزة الإحصاء ووزرات الصحة والشؤون الاجتماعية في الدول العربية في مجال جمع وتحليل البيانات.
وذكر الاستراتيجيات والخطط التي تم اعتمادها في السنوات الأخيرة، لاسيما فيما تعلق بالاستمرار في جمع وتوفير البيانات، وكذلك أهم التحديات التي تواجه الوحدة لاسيما النقص في الموارد المالية وضرورة إلتزام الشركاء بالدعم المستمر لها.
من جهة أخرى، طرحت كل من الدكتورة مارتن نجم وهالة غطاس من الجامعة الأمريكية ببيروت مسألة الإعداد لمرحلة توفير وتحليل البيانات السكانية الخاصة لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030، وما هي تحدياتها والفرص المتاحة للوحدة.
أوضح العرض أن أهم ما يميز هذه المرحلة من رؤية للقضاء على الفقر بجميع أبعاده واستفادة الجميع من جهود التنمية، وكذلك أهمية جعل البيانات مفتوحة (متاحة) أمام الباحثين والخبراء والمختصين كونها ضرورية لرصد التقدم المحرز في مؤشرات التنمية المستدامة 2030، بما في ذلك جعل عملية جمع وتحليل البيانات أسهل وأسرع لتمكن صانعي السياسات والباحثين من ايجاد حلول للمسائل التنموية.
وفي هذا الصدد أكدّت د. مارتن على خصوصية وحدة الدراسات والمسوحات الاجتماعية إقليميا، ورأت أنه ينبغي استغلال هذه المكانة في المنطقة العربية لتأكيد تمركزها، لاسيما وأن المسوح التي تنفذها تغطي المجموعات السكانية والمواضيع التي لا تغطيها بعض المسوح الأخرى مثل تنظيم الأسرة وكبار السن ...الخ. ودعت بهذه المناسبة إلى تبني مقاربات جديدة مبنية على خصوصيات المنطقة العربية، كالتوجه نحو تنفيذ مسوح خاصة باللاجئين والنازحين، وأشارت إلى أن الوحدة كانت في السابق أكثر فعالية من حيث أنها استطاعت أن تملأ الفجوة الكبيرة في البيانات الصحية وكانت طرقها أكثر ابتكارا من المسوحات الأخرى، وشملت معظم الدول العربية.
وتضمن العرض جدولا لمؤشرات التنمية المستدامة وأولوية المنطقة، وماهي الأسئلة التي ينبغي إضافتها على النماذج لملأ فجوة البيانات.
وفي سياق آخر، استعرضت السيدة انشراح أحمد المستشار الإقليمي بالمكتب الإقليمي لصندوق الأمم المتحدة للسكان والمختصة في قضايا حقوق الإنسان والنوع الاجتماعي، دور المكتب في تعزيز القدرات في مجال توفير البيانات وتحليلها ونشرها في المسائل المتعلقة بالممارسات الضارة في البلدان المتضررة من النزاعات.
وأوضحت ذلك من الدراسة التي شرع المكتب الإقليمي للصندوق بإعدادها بالشراكة مع جامعة جون هوبكنز ومفوضية اللاجئات النسائية (WRC). يتناول البحث مسألة زواج الأطفال، الزواج المبكر والزواج القسري والهدف منه حساب معدلات انتشار زواج الأطفال، وتقييم عوامل الخطر المرتبطة به بين أربع مجتمعات متضررة من النزاعات، حيث تبرز الظاهرة كشكل من أشكال الاستغلال الذي يرتبط بالإتجار بالبشر.
واستعرضت الجهود التي يقوم بها الصندوق من أجل تعزيز القدرات على جمع البيانات وتحليلها ونشرها، كذلك في موضوع تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وحركة السكان، من خلال خلق توأمة بين جامعتي Ahfad في السودان، وجامعة Coventry في المملكة المتحدة والتأكد من أن الباحثين السودانيين والمتطوعين الشباب في الجامعة يستفيدون تقنيًا من هذه الشراكة.
وفي ضوء العروض التي قدمت والنقاش حولها، تم التأكيد على ضرورة ملاءمة منهجية مسح صحة الأسرة العربية وأدواته لمتطلبات المرحلة، ومدى قدرته على الاستجابة لمؤشرات التنمية المستدامة وأجندة مؤتمر السكان والتنمية.
كما طُرحت مسألة إتاحة ونشر بيانات الوحدة للجميع للإستفادة منها، وضمان انتشار أوسع لها لدى مستخدمي البيانات على اختلاف توجهاتهم. لهذا طالب الخبراء بأن تسير الوحدة على خطى المسوحات الأخرى مثل MICS وDHS في هذا المجال.
وفي سياق آخر، تم التأكيد على ضرورة حشد المزيد من الدعم للوحدة ماليا وفنيا، من خلال فتح المجال نحو جهات ممولة جديدة. وخاصة وكالات الأمم المتحدة ذات الصلة.
- جلسة العمل الثانية:
ركزت هذه الجلسة على مراجعة أدوات مسح صحة الأسرة العربية، حيث تمت الإشارة إلى أنها تتم على يدي لجان فنية وفق احتياجات وخصوصيات الدول واستنادا إلى تجارب المسوحات الأخرى (MICS-DHS)، وهذا ما تم فعليا في أخر مسح تم تنفيذه في اليمن والمغرب وحاليا مسح حول الشباب في تونس.
شكّل الخبراء خلال هذه الجلسة مجموعتي عمل لمراجعة نماذج المسح العربي لصحة الأسرة واقتراح تعديلات انطلاقا من التجارب الدولية، وتماشيا مع مؤشرات أهداف التنمية المستدامة 2030، وتم الطلب من المجموعتين معرفة إلى أي مدى تستجيب النماذج الحالية لتلك المؤشرات، وما هي الأسئلة التي ينبغي إضافتها لضمان الملاءمة، وهل نحتاج إلى نماذج جديدة أو يتم الاكتفاء بالتوسع في النماذج الموجودة.
فيما يخص استبيانات المرأة والنوع الاجتماعي، أشار الخبراء إلى ضرورة إدماج أسئلة حول الإنجاب قبل سن 18 وذلك في ضوء أن بعض الدول العربية تعاني من الزواج والإنجاب المبكرين وذلك وفقا للتقارير التقارير والدراسات الميدانية ، يستلزم تحديد حجم المشكلة، ومن جهة أخرى، أضاف الخبراء أهمية تحديد أنواع الرعاية الصحية المتوفرة للأم والأطفال حديثي الولادة، لاسيما لدى الأمهات المصابات بفقدان المناعة المكتسبة HIV.
أما بالنسبة لإستمارة كبار السن، فقد تمت الإشارة إلى أن المؤشرات الخاصة بأجندة التنمية المستدامة لم تركز على كبار السن، واكتفت فقط بتقسيم العينات طبقا للنوع والجنس والسن، وهذا قد يؤدي إلى إغفال بعض الجوانب المهمة في قضايا هذه الفئة من المجتمع. ولهذا الغرض اقترح المشاركون في المجموعة أهمية أن يركّز الاستبيان على بعض المسائل المتعلقة بكبار السن مثل المشاركة السياسية، الصحة النفسية والانتهاكات التي يتعرض لها كبار السن، بالإضافة إلى الاحتياجات الخاصة للفئات المهمشة منهم.
من ناحية أخرى، تم اقتراح إضافة بعض الأسئلة على استبيانات الأسرة والشباب وتعديل الأسئلة الموجودة لكي تكون قابلة للمقارنة، ففي استبيان الأسرة، ناقش الخبراء حساب مؤشر نسبة الذين تشملهم الحدود الدنيا والنظم الخاصة بالحماية الاجتماعية.
أما فيما يخص استبيان الشباب، تم اقتراح التركيز على مسألة العنف بجميع أشكاله الممارس ضدهم، حيث تمت مناقشة حساب نسبة الشبات والشباب الذين تترواح أعمارهم بين 18 و29 سنة الذين تعرضوا للعنف الجنسي في سن 18، وكذلك حساب نسبة ضحايا العنف الذين أبلغوا السلطات المختصة عن تعرضهم للإيذاء خلال الأشهر الـ12 السابقة للمسح، وإضافة سؤال عن الذين أبلغوا بشعورهم بالتمييز أو المضايقة على أساس التمييز المحظور بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان خلال 12 شهرا السابقة للمسح.
من جهة أخرى، وتحت الهدف الثامن من أهداف التنمية المستدامة، تم اقتراح سؤال للبالغين 15 سنة وأكثر عما إذا كان لديهم حساب مصرفي أو حساب في مؤسسة مالية أخرى.
- جلسة العمل الثالثة:
استهل الحضور جلسات اليوم الثاني بخلاصة عن أهم المسائل التي جاءت في نقاشات اليوم الأول والمرتبطة أساسا بأهمية توفير البيانات والتحديات الناجمة عن ذلك في المنطقة العربية، والتأكيد على ضرورة تعزيز عمل وحدة الدراسات والمسوحات الاجتماعية.
كما جدّد صندوق الأمم المتحدة للسكان إلتزامه على دعم الوحدة، لاسيما في ما يتعلق بتطوير منهجيات وأدوات جمع وتجهيز وتحليل ونشر البيانات، حتى يتسنى لها مواكبة رصد مؤشرات التنمية المستدامة في الجوانب المرتبطة بقضايا السكان.
تم التأكيد في هذا الشان على أن الوحدة تقوم بتوثيق المنهجية من خلال إصدار الوثائق الفنية التي تتناول الجوانب التنظيمية والتحليلية اللازمة لتصميم وإعداد المسوحات، علاوة على نشر وتوزيع هذه المطبوعات لتعظيم الاستفادة منها في تعزيز القدرات الوطنية، حيث أصدرت الوحدة 16 وثيقة فنية تتناول الأهداف والمنهجية والاستبيانات الرئيسية والنماذج الاختيارية والأدلة الإرشادية للمراحل المختلفة باللغتين العربية والإنجليزية، ويوجد بعضها بالفرنسية.
وقد تم طبع 6 إصدارات من الأقراص المدمجةتتضمن كل وثائق ومنشورات الوحدة منذ انشائها، وبلغ عدد النسخ المطبوعة من كل إصدار حوالي 1000 نسخة كان يتم توزيعها خلال المؤتمرات والاجتماعات.
وفيما يخص الجوانب المالية للوحدة، تم مناقشة إمكانية ربط أنشطتها بالمجالس الوزارية العربية الثلاث (الصحة والشؤون الاجتماعية والشباب والرياضة) وسبل إقناعهم بجدوى المساهمة في تمويل الوحدة مقابل خدمة القضايا التي تصب في اهتمام تلك المجالس.
واتفق المشاركون على ضرورة إرساء خطة عمل تتضمن رؤية وتصور للأولويات المالية والفنية للوحدة على المديين المتوسط والطويل.
في ذات الإطار، أثار المشاركون في اللقاء مسألة التنافسية بين مختلف المسوحات (PAPFAM وMICS وDHS) وكيفية تأثير ذلك على عمل الوحدة، بسبب محدودية مواردها المالية والفنية مقارنة بالمسوح الأخرى، وأجمع المشاركون على ضرورة التنسيق والتعاون من أجل التكامل مع المسوحات المذكورة سابقا لتفادي الإزدواجية والتكرار وترشيد الموارد، وتفادي التداخل الزمني بين هذه المسوحات لتحقيق الانتظام في توفير البيانات.
واعتبر الخبراء أن وحدة الدراسات والمسوحات الاجتماعية (PAPFAM) علامة تميز المسوحات الصحية والاجتماعية في المنطقة العربية وبالتالي تحتاج إلى تسويق كأي علامة تجارية، حيث تم وضع عدّة اقتراحات تساهم في جذب المانحين والحفاظ عليها كخيار استراتيجي في المنطقة.
ومن بين الإقتراحات، تم التركيز على تنفيذ المسوحات في الدول التي تعيش النزاعات، لمساعدتها وتلبية حاجياتها من البيانات في مرحلة إعادة البناء والإعمار، حيث تمت الإشارة إلى مصادر للتمويل في ضوء الاهتمام بتلك الدول.
فيما رجّح أحد الخبراء استثمار انجازات الوحدة، من تعزيز للقدرات ومن إنتاج للبيانات وتحليلها، إلى غاية المساهمة في وضع السياسات على أساس تلك البيانات في الدول التي نُفذت فيها المسوحات، فلابد من الاستماع إلى الجهات والمؤسسات الرسمية في هذه الدول لأنها بحاجة إلى البيانات والتحاليل اليوم، خاصة في إطار السعي نحو تحقيق أجندة التنمية المستدامة. فلما تُشرك الدول من خلال مؤسساتها في مثل هذه المسوح سيوجد التجاوب منها سواء السياسي أو الفني أو المادي، وأشار إلى أنه يوجد أنشطة بحثية أخرى عدا MICS وDHS في المنطقة العربية ينبغي التنسيق معها، كما يوجد ممولين أبدوا اهتمامهم لسبب أو آخر للمنطقة العربية، ينبغي استهدافهم.
من جهة أخرى، تمت الدعوة إلى استثمار مبدأ المرونة الذي اعتمدته الوحدة منذ إنشائها كإستراتيجية تتناسب مع الخصوصية والهوية الثقافية للمنطقة العربية بهدف تحقيق أهدافها للتسويق لنفسها أمام الدول.
ومن خلال مجريات لقاء الخبراء، تم الاتفاق على المقترحات والتوصيات التالية لدعم وحدة الدراسات والمسوحات الاجتماعية وتحديث منهجية وأدوات المسح بها تماشيا مع متطلبات المرحلة: